Skip to the content

المادة 140 من علاوي إلى الكاظمي.. عدم تنفيذ وانتهاك دستوري متواصل

يعود تاريخ التعريب ومصادرة أملاك المواطنين الكورد في المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى وواسط إلى عهد نظام البعث ابتداءا من 17 تموز 1968 وحتى 9 نيسان 2003، وقد صنفها الدستور العراقي في الوقت الحالي جزءاً من مناطق المادة 140.
ونتيجة لعملية التعريب، تقلص دور الكورد من الناحية الاقتصادية في هذه المناطق، لا سيّما في الغنية منها بالنفط والغاز الطبيعي، في كلا القطاعين العام والخاص. فعلى سبيل المثال، تراجع عدد العمال الكورد في شركة نفط كركوك بشكل كبير ، مقارنة بعدد العمال العرب، في خضم استمرار عملية التعريب التي نُفذت على مراحل مختلفة.

المرحلة الانتقالية
بدأت هذه المرحلة بعد سقوط نظام البعث في 9 نيسان 2003 عندما تشكلت سلطة الائتلاف ولاحقا مجلس الحكم العراقي وتشكيل أول حكومة مؤقتة من 8 حزيران 2004 إلى 3 أيار 2005 برئاسة أياد علاوي، ثم الحكومة الانتقالية برئاسة إبراهيم الجعفري وإدارة الدولة في المرحلة الانتقالية.
وخلال هذه الفترة، تم تمرير المادتين 53 و58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، المعروف باسم قانون (TAL)، للاعتراف بحكومة إقليم كوردستان والمناطق الواقعة تحت سلطتها إلى فترة سقوط نظام البعث في 19 آذار 2003، وبعدها تم تثبيت المادة 53 البند (أ) فقط من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية في المادة 143 من الدستور، والمادة 58 مع جميع أحكامها ضمن المادة 140 من الدستور العراقي الاتحادي.

مرحلة حكومة أياد علاوي
تشكلت الحكومة العراقية المؤقتة في 18 حزيران 2004 برئاسة أياد علاوي. وبهدف تنفيذ المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية لتطبيع الوضع في كركوك، أصدر رئيس مجلس الوزراء الأمر الديواني رقم 15 بتاريخ 9/2/2005 لتأسيس الهيئة العليا لتطبيع الاوضاع في محافظة كركوك، وقد تم نشره في العدد (3995) الصادر بتاريخ (3/3/2005) من جريدة الوقائع العراقية.
وتقرر تشكيل لجنة عليا لتنفيذ المادة (58) يكون أعضاؤها من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان، وترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، وتتولى وزارة المالية العراقية تخصيص موازنة مستقلة لازمة بتكاليف ومتطلبات الهيئة العليا لتطبيع الاوضاع في محافظة كركوك. إلا أنه لم يصدر سوى أمر بتشكيل اللجنة ولم يتم عمل أي شيء لحل مشاكل هذه المناطق، وبسبب قصر عمر حكومة علاوي، لم يتم تحديد رئيس وأعضاء اللجنة العليا لتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك.

مرحلة حكومة إبراهيم الجعفري
تشكلت الحكومة العراقية الانتقالية برئاسة إبراهيم الجعفري في 23/5/2005، ومن أجل تنفيذ المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، واستناداً إلى الأمر رقم 15 الصادر عن حكومة أياد علاوي، صدر قرار تحديد رئيس وأعضاء اللجنة العليا لتطبيع الاوضاع في محافظة كركوك، وبتاريخ 22/9/2005 صدر العدد 4004 في جريدة الوقائع العراقية والذي تضمن تعيين 13 شخصاً، رئيساً واعضاءا للجنة العليا لتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك، غير أنه لم يتخذ سوى القرار بتعيين الرئيس والأعضاء، إذ وضع معظم أعضائها عقبات أمام تنفيذ القرار، ثم حدث تدخل إقليمي ولم يتم اتخاذ خطوات تطبيقية عملية.

مرحلة حكومة نوري المالكي الأولى
من المفترض أن تكون هذه المرحلة بداية لتطبيق الدستور والمادة 140 لحل مشكلة المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم. تم وضع المادة 140 في الدستور العراقي على أساس المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية وتم التصويت على الدستور في استفتاء عام 2005.
ووفقاً للنقطة 22 من المادة 140، فإن الحكومة ملزمة بتنفيذ المادة الدستورية المستندة إلى المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، والتي تتضمن ثلاث مراحل هي التطبيع والإحصاء والاستفتاء في كركوك والمناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم. كما تقرر أن تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لمرحلة التطبيع، بما في ذلك اعادة عائدية أقضية ونواحي كركوك الى ما كانت عليه في البداية. على أن تنتهي هذه المرحلة في (29/3/2007) وتبدأ مرحلة الإحصاء في (31/7/2007)، ثم المرحلة النهائية المتمثلة بالاستفتاء في (15/11/2007).
وفي هذه المرحلة وبالرغم من تشكيل اللجنة بتاريخ 9/8/2006 وتغيير رئيس وأعضاء اللجنة عدة مرات، فقد صدرت سبعة قرارات، منها أربعة كانت مهمة ومحورية لتطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، وفور صدور القرارات افتتحت مكاتب لجنة المادة 140 في كركوك وسنجار وخانقين وتم تعويض عدد كبير من المهجرين العائدين والوافدين.
بعد ذلك عقد اتفاق بين نوري المالكي ومسعود بارزاني (رئيس إقليم كوردستان آنذاك) لتشكيل حكومة المالكي الثانية وتنفيذ النقطتين الأولى والسابعة والمتعلقة بالالتزام بالدستور وتنفيذ المادة 140 وحل المشاكل المتعلقة بالبيشمركة وقانون النفط والموارد المالية للجانبين.

مرحلة حكومة المالكي الثانية
تطرقت النقطة الأولى من برنامج حكومة الائتلاف الوطني برئاسة نوري المالكي، بتاريخ (22/12/2010) الى المادة (140) عبر "تفعيل كافة مواد وبنود الدستور ومتابعة عمل اللجان المختلفة وفق أحكام الدستور وخاصة المادة 140، وبعد بدء مهام التشكيلة الوزارية، تم تغيير أعضاء اللجنة العليا لتطبيق المادة (140)، وأصبح هادي العامري الذي كان يترأس منظمة بدر في ذلك الوقت رئيساً للجنة.
إلا أن العامري بدأ في تغيير عمل اللجنة العليا، أي جميع الشروط والمعايير والتعليمات الخاصة بتعويض المتضررين من وسط وجنوب العراق، ومنع تعويض (519) قضية من متضرري النظام السابق في إقليم كوردستان، بالإضافة إلى إلغاء اللجان الفرعية التي كان يشرف عليها سابقاً الوزراء الذين كانوا أعضاء في اللجنة وتحويلها إلى أقسام، كذلك أقدم من جانب واحد على إغلاق اللجنة المالية (المحاسبة / التدقيق) في أربيل، وفصل جميع موظفي اللجنة قبل انتهاء عقودهم ونقل جميع البيانات والمعلومات والملفات الى بغداد.
ولم يبق أي صلاحيات لممثل حكومة إقليم كوردستان والأعضاء الكورد في اللجنة وغيّر بشكل عام مسار عمل اللجنة لتنفيذ المادة 140. وبدلاً من استكمال مرحلة التطبيع في المناطق المتنازع عليها، ركز على تعويض المتضررين في وسط العراق وجنوبه.

مرحلة حكومة حيدر العبادي
نوقشت المادة (140) في الفقرة الثامنة عشرة من المحور الرابع لبرنامج حكومة العبادي، بما يضمن إيجاد حل مناسب لمشكلة كركوك والمناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم بما لا يخل بالسلم والاستقرار بين أهالي هذه المناطق، وحماية جميع المكونات. لذلك لم يتم تجديد لجنة تنفيذ المادة، وبقي هادي العامري، دون أي منصب في الحكومة، رئيسا للجنة، ورغم عدم اتخاذ أي خطوات لحل المشاكل وتنفيذ القرارات في المناطق المتنازع عليها، أمر العبادي في إطار مخطط دولي قوات الجيش وميليشيات الحشد الشعبي للدخول إلى المناطق المتنازع عليها في 16 تشرين الأول أكتوبر 2017، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين وارتُكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الكورد في تلك المناطق، وخاصة في طوزخورماتو وكركوك، ومن الناحية الإدارية استؤنفت عملية التعريب، وتم استقدام مزيد من العرب الوافدين إلى المنطقة، ومنع تنفيذ القرار المتعلق بإلغاء العقود الزراعية وإعادتها لأصحابها الأصليين، بل حتى لم يتم تقديم المساعدات للنازحين الذين لاذوا بإقليم كوردستان عام 2014 بسبب هجوم داعش على المناطق المتنازع عليها، حيث تعرضوا للإبادة الجماعية وجرائم حرب، لا سيّما الإيزيديين.

مرحلة حكومة مصطفى الكاظمي
تحدث البند 8 من برنامج حكومة الكاظمي عن حل المشاكل العالقة مع حكومة إقليم كوردستان، وتقرر أن يعمل الجانبان على حل القضايا الخلافية على أساس احترام اتفاقاتهما ووفقا للدستور، لتحقيق المصالح العليا للبلاد وتوحيد الجهود في جميع المجالات، ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوات بشكل عام لتنفيذ المادة 140.


دائرة الإعلام والمعلومات 
29 آذار 2023