Skip to the content

وزير الثروات الطبيعية: اتفقنا مع بغداد على شراء البنزين والنفط الأبيض

أجرت دائرة الإعلام والمعلومات، حواراً شاملاً مع وزير الثروات الطبيعية كمال أتروشي بشأن المسائل المتعلقة بالبنزين والنفط الأبيض في إقليم كوردستان والعلاقة مع بغداد بهذا الصدد، وهذا نص الحوار.

 

اربيل، اقليم كوردستان ، العراق (GOV.KRD)- ما تقييمكم لأداء الوزارة في الفترة التي تسنمتم فيها منصب وزير الثروات الطبيعية؟

 

- وزير الثروات الطبيعية: ‏اعتمدت التشكيلة الوزارية (الكابينة) التاسعة لحكومة إقليم كوردستان على أساس الإصلاح والشفافية والعدالة للارتقاء بالخدمات، وفي هذا الإطار وضع السيد رئيس الوزراء خطة خاصة ‏فتحت الطريق أمام كل الوزارات لتشارك في تنفيذ هذه المبادئ الثلاثة التي تحدثت عنها، والتي تكون أساس البرنامج الحكومي للكابينة التاسعة.

أنا تسلمت الوزارة منذ سبعة أشهر، ولحسن الحظ، حققنا الكثير من الإيجابيات والتغييرات المهمة، ونخطط الآن لتحقيق خطط استراتيجية أكبر، ونستطيع أن ندير ملف الثروات الطبيعية لهذا البلد على نحو جيد جداً بالعمل على أساسين.

أولاً: تقديم أكبر قدر ممكن من الخدمات للمواطنين في كوردستان.

ثانياً: تسويق وبيع منتجاتنا للخارج وتدويل ملف الثروات الطبيعية للإقليم.

‏بالإضافة إلى ذلك أعمل وبكل جهد لتطوير الوزارة، وعمل الوزارة على أساس الاختصاصات المتعلقة بالنفط والغاز والسيطرة الكاملة على نفقات إنتاج النفط والغاز وبناء علاقات واضحة وآمنة ومهنية مع الحكومة الاتحادية بموجب الدستور العراقي.

إن ملف النفط ليس سهلاً، وأنا أبذل قصارى جهدي لنصل إلى استراتيجية مشتركة مع الحكومة الاتحادية لضمان عدالة كاملة على أساس المبادئ ‏الدستورية الثابتة وعلى أساس الاحتياطي العام للعراق وعدد سكان الإقليم وضمان مستقبل إقليم كوردستان ودراسة احتياجات الإقليم فيما يتعلق بالموارد الطبيعية والطاقة والإمكانات المالية والاقتصادية وخطة التنمية وتطويرها. كل هذه المواضيع هي جزء مهم جداً في الاستراتيجية العامة لوزارة الثروات الطبيعية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ـ على أي أساس تضعون خطتكم واستراتيجية العمل في الوزارة؟

- وزير الثروات الطبيعية: مهمتنا الأساسية في وزارة الثروات الطبيعية تتلخص في نقطتين مهمتين:

أولاً: اكتشاف النفط.

ثانياً: إنتاج النفط.

‏وهذان الأمران يتعين أن يأخذا بنظر الاعتبار حماية البيئة العامة وتجنب تلويثها، بالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون النفقات مناسبة مع العائدات وطاقة الإنتاج، وكل هذه المواضيع تحتاج إلى استراتيجية مناسبة.

نحن الآن منشغلون بوضع هيكلية الوزارة، حيث بدأنا العمل على ذلك منذ تسلمي مهامي، واستحصلنا الموافقة عليها من مجلس الوزراء والبرلمان. ‏وتتلخص خطة الوزارة في وضع هيكلية مهنية نستطيع من خلالها توفير أكبر عدد من المعلومات حول عمل وأنشطة الوزارة في الإقليم، وأن تكون للوزارة القدرة على إدارة ملف النفط والغاز في إقليم كوردستان وديمومة هذه العملية، لكي تكون بمثابة مبدأ ثابت وراسخ للنهوض بالوضع الاقتصادي ورفع مستوى الاقتصاد في الإقليم، هذا فيما يتعلق بداخل الوزارة. أما خطتنا الاستراتيجية فهي عبارة عن تجديد وتعزيز العلاقة بيننا وبين ‏الشركات العالمية العاملة في مجال النفط والغاز في إقليم كوردستان منذ عامي 2007 و2008. وهذه بحد ذاتها استراتيجية خاصة تحتاج إلى علاقة مهنية بين الوزارة وهذه الشركات، لأن دور الوزارة كان يتلخص في الإشراف فقط على هذه العملية، أي أن الوزارة لم يكن لها الدور التنفيذي حول هذا الموضوع منذ تشكيلها.

وأثناء البدء باكتشاف وإنتاج النفط وتطوير هذا القطاع، لم تكن القدرات البشرية والعلمية والاختصاصات المحلية بالمستوى المطلوب كما لم تكن هناك قدرة مادية مناسبة. إن مراحل عملية استخراج النفط والغاز والمتعلقة باستكشافه صعبة جداً وتحتاج إلى ميزانية عالية، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك قدرات فنية لاستكشاف النفط والمعلومات المتعلقة بالنفط والغاز حول موضوع الاحتياطي ونوعية النفط والطرق المناسبة لإنتاجه لم تكن متوفرة.

‏عندما بدأنا عملية التنقيب واستكشاف النفط في إقليم كوردستان فضّلنا أن يكون هذا الملف لتنمية وتطوير القطاع الاقتصادي والاستفادة من النفط كثروة اقتصادية مهمة ولاستغلالها في تطوير القطاع الصناعي، ولم يكن هناك أي مجال لتطوير القدرات المحلية. وهذه المسألة أنيطت للشركات العالمية لأن هذه الشركات عندما باشرت العمل بدأت برأسمالها الخاص أو الاقتراض من البنوك الدولية، وهذا الأمر يحتاج إلى ميزانية ضخمة، وهذه الميزانية الضخمة وُفّرت من قبل هذه الشركات، لذلك لم يتعدَ دور الوزارة إلى أكثر من الإشراف على هذه العملية، وللأسف لم توضع أي أسس منذ ذلك الوقت لتشكيل فريق كوردستاني متخصص من المهندسين أو الجيولوجيين أو أصحاب الاختصاصات الأخرى المتعلقة بهذا الملف لإعداد برنامج خاص بالإقليم والاستفادة من تجارب هذه الشركات، لنضمن شركات في المستقبل تستفيد من خبرة هذه الشركات العالمية واستغلالها خلال عمل الوزارة في الحقول النفطية .

 

 

 

 

 

 

ـ بعد تشكيل الكابينة التاسعة، اتجهت كل الانظار نحو وزارة الثروات الطبيعية، ماهي نظرتكم لمستقبل الثروات الطبيعية في الإقليم والاستفادة من كل ما يكمن تحت الأرض لفائدة شعب كوردستان؟ ماهي الآمال التي ممكن أن يتفاءل من خلالها المواطنون حول إمكانية إدارة هذا الملف؟

 

- وزير الثروات الطبيعية: ‏لدينا الآن صورة واضحة ومعلومات دقيقة وحقيقية وصحيحة حول هذا الموضوع، ومنذ تسلمي للوزارة شكّلت فريقاً يضم العديد من أصحاب الاختصاصات والخبرات في التعامل مع كافة المجالات الصناعية في الإقليم، أي أننا سيطرنا وبشكل كامل على عملية الاستخراج والتنقيب عن النفط بشكل أفضل مقارنة بالماضي، ونعمل الآن على الاستمرار في تنفيذ هذا البرنامج. وخطتنا أن نطور من عمل الوزارة وخصوصاً في مجال التنقيب والاستكشاف ‏واكتشاف الاحتياطي النفطي في الإقليم.

إن فريق العمل في الوزارة جديد بنسبة 90 بالمئة، ولهم كامل للسلطة لاتخاذ القرار حول المواضيع الأساسية والمهمة المتعلقة بمجال النفط والغاز والثروات الطبيعية، وأنا متفائل جداً بمستقبل هذا الملف بإقليم كوردستان، وأرى المستقبل بإيجابية.

وبالتأكيد نحتاج إلى الاستمرارية التي يؤكد عليها هذا النظام المتّبع ويجب أن تدعم الوزارة كافة الخطط الإيجابية وأن تتوافر لدينا قدرات مالية وميزانية مناسبة لمواصلة عمل الوزارة وخصوصاً في إعداد ‏وتطوير الكوادر المحلية وتعزيز العلاقات مع الشركات العالمية. نعم لم تكن لدينا القدرات الفنية ولم يكن لدينا عدد كافٍ من المهندسين المتخصصين في مجال النفط ولم تكن لدينا أسس قوية للاعتماد عليها لندخل إلى عمق العقود وتنفيذها ‏ووضع خطة هندسية وتثبيت كافة الأرقام المتعلقة بنفقات الإنتاج. واليوم يجب أن أؤكد على نقطة مهمة ألا وهي أن النفط والثروات المعدنية مصدر مالي مهم للعائدات الاقتصادية لإقليم كوردستان، ويجب أن نضع خطة تمتد إلى أعوام وأعوام لكي يستمر الإنتاج في اقليم كوردستان.

‏إن مهمة الفريق العامل في الوزارة تتلخص في إطار وضع الحجر الأساس لمستقبل النفط في كوردستان للأعوام المقبلة، لكي نضمن لنا خططاً تمتد إلى خمسة و10 و15 عاماً لإدارة هذا الملف، لأن من الواضح أن ‏الوضع العام للبترول عالمياً لن يعود إلى سابق عهده، ولن يعود كما كان يسمى بالثروة النابضة، أي أن كل برميل من النفط يُستهلك، سيحتاج تعويضه الى ما يربو على ستة أو سبعة عقود. هذا بالإضافة إلى قضايا أخرى حساسة ومهمة واستراتيجية، ولا تنسوا أخلاقيات عملي أنا كوزير.

ومن هذا المنطلق اؤكد على أساس ضرورة الالتزام بالأمانة المهنية في أي برميل يُستخرج من تحت الارض وتُراعى المصلحة العليا للشعب في هذا الموضوع، وألّا ننسى بأن النفط والغاز هي للفائدة الاقتصادية، ومن واجبي وزيراً للثروات الطبيعية أن أراعي هذه النقطة، وبصفتي وزيراً ومعي الفريق العامل في الوزارة نعمل تحت إشراف رئيس الوزراء بحس وروحية وطنيين.

‏نحن في وزارة الثروات الطبيعية من واجبنا أن نكون مصدراً للعائدات لإقليم كوردستان، ونحن مصرون على تحقيق الفائدة الكبرى للقطاع الاقتصادي في الإقليم، ونحاول أن تكون في نشاطاتنا أقل نسبة من الأخطاء وأن نستفيد من كل برميل يتم إنتاجه.

ولا نستطيع أن نتجاهل الأخطاء لإننا نعمل في عمق أربعة إلى خمسة آلاف متر، ونعمل مع ضغط عالٍ ودرجة حرارة عالية، ونعمل مع النفط والغاز والماء. وأقول مرة أخرى بأنني متفائل حول تحقيق وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط التي وضعناها للتعامل مع الثروات الطبيعية في الإقليم والمعادن والثروة البشرية ‏لأن ملف الثروات الطبيعية قابل للتعقيد في كل ثلاثة أو أربعة آلاف عام، ولذلك نحتاج إلى مزيد من الخبرات والاختصاصات لنتمكن من إدارة حقول النفط في الإقليم، ونحقق النجاح أيضاً، ويجب أن تكون لدينا استراتيجية واضحة وحقيقية تدار من قبل اصحاب الخبرة والاختصاص للتمكن من التغلب على المشاكل التي تواجهنا، وهذا العمل ليس سهلاً ولا يمكن أن يُخطط من قبل جامعة أو مركز للدراسات بل نحتاج إلى نظام كامل تشارك فيه جميع الأطراف ذات العلاقة أي نحتاج إلى قيادة ومسؤولين ومديرين ومشرفين وعمل بروح وطنية ووعي وأمانة فإن لم تتوفر هذه النقاط فهذا الملف لن يتطور بل سيتعرض إلى الدمار.

 

 

ـ الاصلاح عملية أكد عليها السيد رئيس الوزراء وما زال يؤكد عليها، ما هي خطواتكم في الوزارة نحو تحقيق الخطوات المتعلقة بهذا القانون؟

 

- وزير الثروات الطبيعية: الاصلاح عملية واسعة وشاملة وفيما يخص هذه العملية في مجال وقطاع صناعة النفط والغاز يجب أن يشرف عليها اشخاص من ذوي الاختصاص ‏لضمان عدم إهدار هذه الثروة والقضاء تماماً على الفساد، وهذا هو أساس الإصلاح في الوزارة إذ يجب أن تكون هناك فكرة واضحة لما نريد أن نفعله في السنوات المقبلة، ومن هذا المنطلق أتمنى كوزير للثروات الطبيعية أن تكون هيكلية الوزارة والفريق الذي يعمل معي في الوزارة أمينا حول مستقبل النفط والثروات الطبيعية. إن الوزارة تحاول جاهدة توفير الفرصة لكافة ‏الموظفين ‏لمزيد من التطور في كافة المجالات المتعلقة بهذا الملف وهذا الاختصاص من مهندسين وإداريين وعاملين في مجالات الخزن والمستودعات وهذا العمل ليس سهلاً.

‏للوزارة 2200 موظف، وكما تعلمون بأن الإقليم واجه في السنوات الماضية مشاكل اقتصادية كبيرة بسبب قطع حصة الإقليم من الموازنة العامة الاتحادية وانخفاض أسعار البترول والعديد من الأزمات التي تعرض لها الإقليم، لذلك لم نستطيع أن نعمل على رفع مستوى الموظفين أو على سد العديد من الاحتياجات التي تريدها الوزارة وخصوصاُ ‏أن الوزارة ليست كلاسيكية، ويجب أن نعمل على تجديدها بشكل مستمر، وتعلمون جيداً أن القرارات التي تتخذها الوزارة لأي مشاريع تحتاج إلى ميزانية هائلة جداً، ونحتاج أيضاً إلى العديد من أصحاب الخبرات والاختصاصات من المهنيين ومن كلا الجنسين.

‏إن الهيكلية الحالية للوزارة هيكلية جديدة ودورها أيضاً جديد وتجريبي، لكن هذه الهيكلية استطاعت أن تسيطر على مراقبة ومعرفة التفاصيل الدقيقة حول النفقات والعقود ونطمح إلى المزيد وإلى تطور أكبر في مستوى عمل هيكلية الوزارة، ونعمل على ضم المزيد من الموظفين ليعملوا في ظل الوزارة، لكننا نحتاج إلى المزيد من الصبر، ونحتاج إلى إعداد الكوادر الخاصة والمتخصصة في مجال النفط وأن نفرق بينهم وبين الاختصاصات الأخرى، وأن تكون كوادرنا هي الأكثر مهنية أي ألّا تقل خبرة كل من يعمل في هذا المجال عن 15 عاماً. بمعنى أدق أن يكون كادراً مدرباً وفي هذه الفترة نحتاج أيضاً إلى تدريب العديد من الكوادر التي نحتاجها وبعد إكمال هذه المراحل ستكون لدينا فكرة واضحة عن الصناعات المتعلقة بالنفط والغاز وتحمل المسؤولية في إطار هذا الموضوع وكيفية تحقيق النجاح في هذا الملف الذي يحتاج الي الصبر. والهيكلية الجديدة التي نعمل عليها في الوزارة هي تحت الاختبار غير أن هذه التجربة أثبتت نجاحها على مستوى عالٍ جداً ويجب أن نكون دوماً في طور التجديد أي أن نجدد أنفسنا دائما لأن الهيكلية ‏الخاصة بأي مؤسسة يجب أن تكون ذات مرونة وقابلة للتجديد والتغيير.

‏ولكون هذا المجال جديداً ولأن التسويق أيضاً هو اختصاص حديث ويحدّث نفسه باستمرار فهو يتأثر دائما ‏بكل التغيّرات السياسية والاجتماعية وكل تجديد يطرأ على عملية التسويق، لذلك بدأنا بعملية الإصلاح وحققنا نتائج إيجابية وتمكنا من السيطرة على العقود ‏وبذلك استطعنا أن نقضي على الفساد، فعلى سبيل المثال لدينا نوعان من العقود، بعضها يتعلق بالعمليات التي تشمل النفط والغاز ويضم في تفاصيله الآبار والتنقيب عنها ‏وهذه العملية تحتاج إلى ميزانية ضخمة لأننا نتعامل في هذا المجال مع الاستيراد والتصدير والخدمات، ولا توجد أي شركة ستتخاطر بتنفيذ كل هذه التفاصيل لذلك تلجأ الشركات إلى توقيع عقود أصغر من مستواها، وهنا إن لم تتوفر أنظمة مسيطر عليها فمن المتوقع أن يكون الفساد مستشرياً في هذا المجال. وفي هذا الإطار استطعنا أن نقطع خطوات إيجابية ومع أننا ما زلنا نعاني من قدراتنا المحدودة ‏وعدد الكوادر المحدود أيضاً لكنني أؤكد للجميع بأننا سنتمكن من تحقيق المزيد لان ما حققناه في الشهور السبعة الماضية، منذ أن توليت الوزارة، يثبت إصرارنا على التجديد والقضاء على الفساد.

‏أما النوع الثاني من العقود فهو يتعلق بعقود خدمية يتم توقيعها مع شركات محلية، لكننا راجعنا هذه العقود مرة أخرى لكي نضمن العدالة في هذه العقود بالإضافة إلى طبيعة تكوين هذه العقود والعلاقات الخاصة، وهذه المسألة ليست صعبة بل هي سهلة جداً ‏لأننا نستطيع التحكم بها والسيطرة عليها، وكوزراء للثروات الطبيعية والمالية والاقتصاد نستطيع العمل سوية للسيطرة عليها بشكل منطقي بتحديد النفقات وإعادة صياغة هذه العقود من جديد لكي لا تتعرض أي شركة إلى الاضطهاد ولنضمن العدالة في هذا الموضوع.

نعم أنجزنا خطوة مهمة جداً من الإصلاح في هذا المجال لكننا نطمح إلى مزيد من العمليات بالإضافة إلى المزيد من الإنتاج وضمان أكبر عدد من الخدمات، واطمئن المواطنين بأننا نعمل وبأمانة وعلى الطريق الصحيح وسنلمس النتائج قريباً.

 

 

ـ الجميع تحدث عن أزمة البنزين في الآونة الأخيرة، ما هي خطتكم للخروج من هذه الأزمة وهل ثمة اتفاق مع الحكومة الاتحادية لحل هذه الازمة؟

 

- وزير الثروات الطبيعية: ‏لم نشهد في الفترة ‏الماضية أي أزمة للوقود في اقليم كوردستان، وكان سوق استهلاك المنتجات النفطية ومشتقاتها ومن ضمنها وقود السيارات متوازناً، حيث كنّا نستورد جزءأ من الخارج والجزء الآخر كان يُنتج في المصافي المحلية، وكان ‏هناك استقرار في أسعار الوقود في الإقليم. لكننا أردنا أن نسيطر على هذا الموضوع لنتأكد من نوعية الوقود. ‏كلنا يعلم بأن أكثر من مليون سيارة موجودة في الإقليم، لذلك يجب علينا ضمان نوعية الوقود المستخدم لهذه السيارات ‏لضمان أقل ضرر يلحق بالسيارات ولعدم تلوث البيئة وتجنب تضرر المواطنين، ورأينا بأن الوقود المستورد كان رديء النوعية والجودة، لذلك أردنا أن نسيطر على هذه القضية، وحاولنا لأكثر من مرة لكننا لم نستطع لذلك قررنا إيقاف الاستيراد بشكل كامل.

‏ومن جانب آخر شجّعنا تجار الوقود على استيراد البنزين وعرضنا عليهم مقابل ذلك خفض نسبة الضريبة.

نحن في إقليم كوردستان لدينا القدرة على إنتاج وقود السيارات، فعلى سبيل المثال من شركة (كار) وحدها نستطيع تكرير وتصفية 140 ألف برميل من النفط الخام، حيث سينتج منه أكثر من 100 الف لتر من وقود السيارات وهي نسبة كافية لإقليم كوردستان، ولكن بسبب الأزمة المالية وقطع حصة الإقليم من الموازنة العامة الاتحادية من قبل الحكومة العراقية، اضطررنا إلى تصدير النفط الخام للإيفاء بالتزاماتنا تجاه مواطنينا والتخفيف من وطأة الازمة وضمان رواتب الموظفين، ‏لذلك حددنا نسبة النفط الخام الذي نرسله إلى المصافي والجزء الآخر الذي يصدر إلى الخارج، وبالتأكيد وذلك سيكون قليلاً.

‏لقد بلغ حجم تصفية النفط في المصافي المحلية أكثر من مليون لتر يومياً أي تكرير ما يقارب 25 ألف برميل يومياً من النفط الخام، وهذه النسبة قليلة جداً، ولا تكفي الاحتياجات اليومية للمواطنين في إقليم كوردستان. كما أشرت فإن في الإقليم أكثر من مليون سيارة وهناك عوائل تعتمد في اقتصادها على سيارات الأجرة، ‏لذلك نحاول أن نبذل كل ما في وسعنا للبحث عن مصدر آخر لتوفير وقود السيارات للاستفادة منها مستقبلاً، وكان أحد هذه السبل التواصل مع بغداد، ومن المعروف فإن الحكومة العراقية تعمل على تصفية مليون برميل من النفط الخام يومياً، وهي كمية تكفي لسد الحاجة في محافظات العراق كافة، وتستطيع أن تصدرها إلى الخارج أيضاً أي أنها تنتج نسبة تفوق حاجتها.

‏وحول هذا الموضوع زرت بغداد وسعدت كثيراً باللقاء مع وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، وأنا أعتقد بأنه وزير مهني وممتاز وهو صاحب فكر شامل وواسع ولديه الكثير من الخبرات والمعلومات.

اجتمعت في بغداد لمدة ثلاث ساعات مع كافة المسؤولين في القطاع النفطي والمؤسسات النفطية التابعة للجنوب وكركوك وبغداد، والاجتماعات كانت ناجحة وممتازة جداً، وهم أعربوا عن ارتياحهم بما طرحناه، وكانوا سعداء جداً بوجود وزير كوردي مهني ‏يتحدث بلغتهم بطلاقة.

وكنا قد ذهبنا إلى هذا الاجتماع دون تحضير ودون حوار مسبق، ولمسنا إرادة قوية لحل كافة المشاكل والاتفاق على أسس ثابتة حول ملف الطاقة، وعلى الأساس الإنساني أيضاً توصلنا إلى تفاهمات مهمة وتمكنا من تذويب الجليد الذي كان يحيط بالعلاقة بين وزارة النفط العراقية ووزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان، واعتبر ما تحقق إنجازاً كبيراً.

‏وفي هذا الاجتماع، أكدتُ وبكل صراحة لوزير النفط العراقي بأن الإقليم يعاني من أزمة كبيرة تؤثر بشكل مباشر على الجانب الاقتصادي وخصوصاً فيما يتعلق بالوضع المعيشي للمواطنين، فهناك مواطنون في إقليم كوردستان يعتمدون في قوتهم اليومي على الوقود، وفي المقابل أكد وزير النفط العراقي بأنه لن يترك كوردستان في أزمتها، وأعرب عن استعداده لتنفيذ كل المطالب التي قدمتها بإرسال مليون ‏لتر من وقود السيارات عالي الأوكتان، وانا اعتبر ما حصل إنجازاً تاريخياً يخدم العلاقة بين الوزارتين وهي نتيجة إيجابية ستنعكس إيجاباً على المواطنين في الإقليم.

‏وتعجبت كثيراً عندما لاحظت بأن مدة اتخاذ القرار ‏من قبل وزير النفط العراقي لم تستغرق أكثر من خمس دقائق، وهذا دليل على أننا قطعنا شوطاً كبيراً من تقريب وجهات النظر بين الوزارتين.

كنت أفكر بأن هذا الموضوع بحاجة إلى وفد كبير ورفيع المستوى يزور بغداد ليتفق على هذا الموضوع لأن كلما كانت العلاقة مبنية على أساس صحيح ومهني عميق مع اصحاب القرار كان الاتفاق أسرع وأفضل.

‏وتم إصدار قرار سريع وفورا لرئيس مؤسسة توزيع النفط والغاز في بغداد بمنح إقليم كوردستان هذه الكمية، لكن الجانب اللوجستي هو ما إعاق هذا الموضوع بعض الشيء، ونحن نفكر الآن بحل حول هذا الأمر، فهل سيكون وصول هذه الكمية عن طريق الأنابيب أم ناقلات النفط؟، نحن لا نمتلك النظام اللوجستي لاستلام هذه الكمية ثم توزيعها على المحافظات لهذا السبب اتصلت بممثل حكومة اقليم كوردستان في بغداد فارس عيسى، وقد لعب دوراً مهماً حول هذا الموضوع وشكّلت لجنة من داخل وزارة الثروات الطبيعية تألفت من الموظفين ‏الكفوئين وذوي الاختصاص لضمان عدم وجود أي فرصة لأي محاولة للفساد.

‏وتواصل اللجنة عملها الآن مع وزارة النفط العراقية لإيجاد حل حول مسألة الجانب اللوجستي لضمان وصول الكمية المتفق عليها من وقود السيارات باستمرار لإقليم كوردستان، وجميعنا نرغب وخصوصاً وزارة الثروات الطبيعية أن نصل إلى حل استراتيجي ومستمر لكافة المشاكل بين وزارة النفط العراقية وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان، ونحن الآن ننتظر وصول مليون لتر من وقود السيارات لإقليم كوردستان، وإن طلبنا للمراحل القادمة أو أردنا اكثر من هذه الكمية سنعقد تفاهمات مهنية ‏وسأكون بقمة السعادة عندما أرى بأن المواطنين ‏في الإقليم تخلصوا من هذه المشاكل واستفادوا من هذه الاتفاقية، وأن أرى سائق الأجرة يملأ سيارته بدون أي قلق ويوفر لقمة العيش لعائلته وأولاده في ذلك الوقت سأنام بكل راحة وطمأنينة.

 

ـ ما خطتكم لتوزيع النفط الأبيض على المواطنين؟

 

- وزير الثروات الطبيعية: هذا الموضوع مهم جداً وتحدثت حوله مع وزير النفط العراقي في البداية، وعرضت ملاحظاتي حول إنتاج النفط الأبيض ورفع مستوى الإنتاج والتقليل من النفقات ولكن اتضح لي فيما بعد بأن الإقليم يعاني من قلة إنتاج النفط الابيض وارتفاع سعره، و‏هذا الموضوع سيخلق جملة مشاكل للمواطنين ولسكان القرى لأن سعر برميل النفط يصل أحيانا لأكثر من مئة دولار، وهذا السعر ليس في متناول الجميع وخصوصاً في المناطق النائية. وغلاء أسعار النفط الأبيض تسبب بالكثير من المشاكل وهذه مسؤوليتي كوزير للثروات الطبيعية أن احل هذه المشكلة.

وقد أوضحت لوزير النفط العراقي بأن الأجواء في إقليم كوردستان ‏تختلف تماماً عما هي في وسط وجنوب العراق، فنحن نعيش في مناطق جبلية. وفي ختام الاجتماع وعد وزير النفط العراقي بحل هذه المشكلة، لذلك ستبعث لنا بغداد ومنذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل كمية من النفط الأبيض.

‏لمعلوماتكم فإن العراق يشتري النفط الأبيض من قطر والكويت، أي يستورد العراق النفط الأبيض وهذا يحتاج إلى ميزانية كبيرة، ونحن في إقليم كوردستان كشراكة اقتصادية علينا أن نساهم في تنظيم الأسعار، وأن نحدد احتياجاتنا وأولوياتنا ونضع حدًا للفساد ولا ننسى محدودي الدخل وخصوصاً من يسكنون المناطق النائية التي تتميز بأجوائها الجبلية الباردة، وهم يستحقون أن يكونوا في أولوية المستفيدين.

 

ـ كيف تقيّمون العلاقة بين وزارة الثروات الطبيعية في الاقليم ووزارة النفط الاتحادية؟

 

وزير الثروات الطبيعية: ‏وزير النفط العراقي أكد على ضرورة وجود علاقة استراتيجية متينة وشراكة قوية على أسس قانونية ودستورية، كما أكد بأنه يرغب كثيراً بمساعدة الكوادر الخاصة في مجال النفط والغاز في إقليم كوردستان بالتدريب في وزارة النفط العراقية، لأن قدرات وزارة النفط هي أعلى بكثير من القدرات الموجودة لدى وزارة الثروات الطبيعية ‏ولديهم العشرات من البحوث حول الثروات الطبيعية.

وبيّن لنا بأن وزارة النفط العراقية ترغب بتطوير العلاقات مع الإقليم، ويؤكدون دائماً بأن إقليم كوردستان يجب أن يكون شريكاً حقيقياً ‏في كافة المجالات التي تتعلق بهذا الملف لا أن يقتصر حضوره في ملف الاحتياطي النفطي والتنقيب والاستخراج، وعلى إقليم كوردستان أن يكون له صوت مسموع في الملف النفطي العراقي ويجب أن يشارك في عمليات الإنتاج والتنقيب عن النفط في جميع أنحاء العراق لأن الجانبين بحاجة إلى تبادل الخبرات وتنفيذ استراتيجية جديدة.

‏نحن ومنذ عام 2007 نعتمد على الشركات الأجنبية التي تعمل في إقليم كوردستان، وهذه العلاقة لم تشهد أي تطور، وأنا أقصد هنا العلاقة بين وزارة الثروات الطبيعية وهذه الشركات، لأنها في إطار مغلق، لكننا نستطيع الآن أن نستثمر طاقاتنا في داخل العراق وخارجه، ولكي يكون لوزارة الثروات الطبيعية دور مهم، وأن لا يقتصر عملنا فقط على مجموعة من الحقول في داخل اقليم كوردستان يجب أن نعمل في حقول أخرى، وأن نتلقى العديد من التدريبات والمعلومات ونتطور من استراتيجية النفط والغاز في اقليم كوردستان.

حتى الآن هناك تفاهمات كثيرة ‏وكبيرة مع وزارة النفط العراقية، وأود وعن طريقكم أن أدعو وزير النفط العراقي لزيارة إقليم كوردستان ليجتمع مع الخبراء في هذا المجال، وأن يتم البحث حول كافة المسائل المتعلقة بهذا الملف، وأنا سعيد جداً بتذليل العوائق وكسر الجليد. نعم نحن الآن أمام فرصة مهمة جداً لعقد تفاهات كثيرة وكبيرة.

 

ـ يتسبب احتراق الغاز في الحقول بتلوث البيئة، هل ثمة حل من قبل الوزارة لهذه المشكلة؟

 

- وزير الثروات الطبيعية: ‏بشكل عام هناك نوعان من الغاز، أحدهما الغاز الحر والذي يحتاج استخراجه لعمق يتراوح بين الفين إلى خمسة آلاف متر حيث الماء والغاز يتوافران في هذا العمق، أما النوع الثاني ‏فهو الغاز المصاحب حيث يتواجد مع النفط الخام بكميات محددة ويكون تحت ضغط عالٍ ويستخرج بشكل مباشر بعد استخراج النفط، وهناك نوعان من الغاز المصاحب أحدهما محلي وتكون له فوائد كثيرة جداً لتوليد الكهرباء والمجالات الصناعية الأخرى، أما النوع الثاني فهو يحتوي على كمية من المواد الكيمياوية تسمى كبريتيد الهيدروجين وأغلب نسب الغاز في كوردستان هي من هذا النوع. يمكننا القول إن جميع الحقول في كوردستان ‏كانت تحرق هذا الغاز، ولم تستفد منه وذلك بسبب العقود التي وقعت مع الشركات النفطية والتي كانت في إطار استخراج النفط، ونسبة من هذا النفط كانت للشركات والنسبة الأخرى للحكومة بعد تحديد النفقات، لكن الغاز هو ملك للحكومة فقط ولم تكن للحكومة قدرة للاستفادة من هذا الغاز أو لتحليته، وكانت تستطيع أن تحوله إلى كهرباء أو تستفيد منه في مجالات أخرى، ولا يوجد حل آخر غير إحراقه إن لم يتوفر ما ذكرته ولا تستطيع الشركات أن تستخرجه لأنه ليس مهماً لديها إن احرقته الحكومة أو لم تحرقه هو ليس ملكا لهم.

‏ويعتبر إحراق هذا الغاز أثناء تنفيذ المشاريع الاستثمارية على المستوى الدولي بمثابة جريمة كبيرة ويجب أن تحل فوراً لأنها ستلوث البيئة وستتسبب في موت نسبة كبيرة من الناس، ‏وقد توصلت مع فريق من الخبراء في وزارة الثروات الطبيعية وبعد العديد من البحوث والقراءات الشاملة لهذا الموضوع إلى ‏رأي موحد يثبت بأن التحلية لهذا الغاز هو أمر صعب جداً ومكلف في الوقت نفسه، وإن الاستفادة منها لتوليد الكهرباء أيضاً أمر صعب، لذلك قررنا أن نحقن هذا الغاز وأن نعيده بعد ‏استخراج النفط، وهذا كان القرار هو الأفضل حيث لن نلوث البيئة وسنوفر الكثير من النفقات كما يعتبر هذا الموضوع حلاً استراتيجياً لان حقنه وخزنه هو أفضل بكثير من هدره، وإن احترق هذا الغاز فلن يعود مرة أخرى.

‏إن أعدنا هذا الغاز سيبقى في مكانه ولن يُهدر، وتستطيع الأجيال القادمة بعد مئات من الأعوام أن تستفيد من هذه الثروة إن افترضنا انتهاء النفط، ‏كما ستساعد هذه العملية كافة الأمور التي تتعلق باستثمار النفط. وأود أن أقول بأن دعم السيد رئيس حكومة إقليم كوردستان قوي جداً لهذا القطاع فهو ينظر بعين الأهمية لمسألة البيئة وحماية البيئة لكننا لا نفعل ذلك في كل الحقول، فنحن نعمل على تحلية ‏الغاز في الحقول القريبة من المدن لكي نستفيد منها لتوليد الطاقة الكهربائية. أما فيما يتعلق بالحقول الأخرى فلن نعطي أي فرصة للشركات، ولن نسمح بحرق هذا الغاز من قبلها بل سنشترط عليهم اعادة حقن الغاز. وقد قررت وزارة الثروات الطبيعية في تعميم وزعته على كافة الشركات بأن لهم 19 شهراً من وقت إصدار هذا التعميم بالتوقف عن احراق الغاز في هذه الحقول، ‏ونحن كحكومة إقليم كوردستان نعلم كيف نتصرف في هذا المجال ونستثمر فيه ونتمنى أن نصل إلى هذه المرحلة وأن ننفذ كل ما نطمح إليه.