رئيس حكومة اقليم كوردستان: نريد شراكة بناءة ومستقرة مع بغداد
أربيل، إقليم كوردستان، العراق (GOV.KRD) - نص كلمة رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني في مؤتمر عُقد صباح یوم الأربعاء ٢ اكتوبر ٢٠١٩ في مؤتمر بجامعة كوردستان في اربيل، حول العلاقات بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.
صباح الخير.
شكراً جزيلاً لحضوركم، وشكراً لجامعة كوردستان على دعوتي للتحدث.
لقد طُلب مني الحديث عن إستراتيجية حكومة إقليم كوردستان لتحقيق الاستقرار في العراق والمنطقة.
هناك، بالطبع، العديد من العناصر اللازمة لضمان الاستقرار.
لا يمكن أن تكون أي منطقة مستقرة إذا لم تستطع الحكومة السيطرة على الحدود.
لا يمكن للمنطقة الاستقرار، إذا كانت الحكومة غير قادرة على العيش في نطاق إمكانياتها.
ولا يمكن أن تكون أي منطقة مستقرة إذا لم تستطع الأحزاب السياسية العمل معاً من أجل المصلحة الوطنية.كل هذه العناصر مهمة، وأنا متأكد من أن المشاركين اليوم لديهم الكثير ليقولوه.
لكن أريد أن أركز بملاحظاتي على موضوع أعتقد أنه يمكن أن يلعب دوراً مهماً في دعم الاستقرار في إقليم كوردستان..
العلاقة بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد.
أريد أن أوجز لكم المبادئ التي تستند عليها مقاربتنا لهذه العلاقة، التقدم الذي أحرزناه حتى الآن والمكاسب المحتملة التي نعتقد بإمكانية تحقيقها.
اسمحوا لي أن أكون واضحاً في البداية. نريد شراكة بناءة ومستقرة مع بغداد . الأمر يتعلق بالشراكة والثقة. وأعتقد أن نظرائنا في بغداد يرون الأمر بالطريقة نفسها.
تحسين هذه العلاقة سيكون له تأثير حقيقي على الحياة اليومية للناس، هنا، وفي أنحاء العراق كافة. وبسبب أهمية هذه القضية، كان أول إجراء لي هو تأسيس مجموعة عمل متخصصة مع بغداد.
وخلال العام الماضي، بَنيتُ علاقة عمل إيجابية مع رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي وفريقه.
كلانا يريد الأمن وكلانا يريد الازدهار. وكلانا يدرك أن أمننا وازدهارنا يتحققان بشكل أفضل من خلال العمل معاً.
ليس خفياً، أن العلاقة في السنوات الأخيرة كانت صعبة. ولن أدّعي أنه لم تكن هناك خلافات جوهرية بيننا. لكن تركيزنا الآن هو على المستقبل، وليس الماضي.
نحن نسأل:
ما الفرص التي سيستمتع بها مواطنونا؟ ما هو الأمن الذي سيحصل عليه مواطنونا؟ أي نوع من الشريك سيجده حلفاؤنا؟
لهذا السبب نريد بناء مستقبل آمن ومزدهر لجميع مواطني كوردستان من خلال شراكة بناءة ومستقرة مع بغداد. يجب أن تقوم أسس تلك الشراكة على فهم واحترام واضح للحقوق الدستورية لكلا الطرفين.
ولكن ماذا يعني هذا عمليا؟ في مفاوضاتنا حتى الآن، ركزنا على أربعة مجالات.
أولاً، تسوية تقاسم الواردات التي تحدد مخصصات الموازنة. الوضع يتحسن، لكننا بحاجة إلى ضمان اتفاق يمكن أن يستمر على المدى البعيد ويوفر الوضوح لكلا الجانبين. نعتقد أن الإجابة على هذا تكمن في الاتفاق الدستوري، ونجري مناقشات بناءة مع بغداد حول كيفية فهم ذلك عبر الممارسة العملية.
ثانياً، نريد تعزيز حقوق كوردستان في الواردات الاتحادية والنفط والغاز بما يتماشى مع الدستور.
ثالثًا، نحن نعمل على حل المناطق المتنازع عليها. كما تعرفون، تعد كركوك محور تركيز مفاوضاتنا الحالية مع بغداد. في النهاية، كما هو الحال مع جميع المناطق المتنازع عليها، نريد حل هذه المشكلة بما يتماشى مع خريطة الطريق المنصوص عليها في المادة ١٤٠ من الدستور.
حقيقة، أن يُشار إليها كمناطق متنازعة عليها يعطي دليلاً واضحاً حول كيفية معالجة المشكلة. ولأنها متنازع عليها، يتعين إدارة المناطق بشكل مشترك- لا يجوز لأي طرف أن يحتكر السيطرة. إن احتكار السيطرة في المناطق المتنازع عليها هو وضع خطر.
لكننا نفهم أن هذا قد يستغرق بعض الوقت، حتى أثناء التفاوض على قرار شامل. نسعى إلى إعادة التعاون الأمني المشترك لمساعدة الحكومة المحلية. ونحن نعمل أيضاً مع الأمم المتحدة لضمان دعمهم في هذا الجهد.
رابعا، وأخيراً، فإننا نهدف إلى ضمان إدراج البيشمركة في سياسة العراق الدفاعية.
انضممت إلى البيشمرکة في سن السادسة عشرة. لقد خدمت مع هؤلاء الناس ورأيت انضباطهم والتزامهم تجاه كوردستان وشجاعتهم. بیشمرکتنا أبطال. والعالم يعرف هذا. هذا لا يعني أنه لن يكون هناك تغيير.
لقد بدأنا عملية تنظيم وإصلاح مختلف وحدات البيشمركة وسوف نقوم بهذه العملية بالتعاون الكامل مع شركائنا في التحالف. يجب أن يكون مشروعاً مشتركاً، وليس مصدراً للصراع.
لقد كنت أعمل عن كثب مع نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني ووزير البيشمركة شورش إسماعيل بشأن هذه المسألة. لقد أوضحنا أن البيشمركة يجب أن تستمر في لعب دور في سياسة العراق الدفاعية. وكجزء من ذلك، يجب أن تتلقى التدريب والأسلحة والرواتب التي من حقها الحصول عليها بموجب الدستور حيث يتم الاعتراف بهم حرساً للإقليم.
تلك هي أولوياتنا ويسرني أن أقول إن التقدم في مناقشاتنا كان هاماً حتى الآن.
الحكومة في بغداد تتقبل مخاوفنا، لقد استمعوا، وكانوا منفتحين على إجراء التغييرات. تمت استعادة أجزاء من الموازنة إلى كوردستان، نحن نصدر نفط كركوك معاً ونعمل على توحيد السياسات الجمركية. هذا ما يمكننا تحقيقه من خلال العمل معاً.
في هذه المناقشات، نعلم أنه لن يحصل أي طرف على كل ما يريده. هذه هي طبيعة المفاوضات. ولكن يمكننا أن نبرم اتفاقاً عادلاً للجميع، وهذا يتفق مع الدستور الذي يضع الأسس القوية لشراكة مثمرة يمكننا أن نبني عليها جميعاً. أريد أن أختتم كلمتي بالحديث عن سبب أهمية هذا الأمر لشعب كوردستان.
كما قلت في البداية، ينصب تركيزنا على المستقبل وليس الماضي.
من خلال تأمين تسوية للواردات، يمكننا خلق فرص لمواطنينا.
ستكون لدينا الأموال التي نحتاجها لتوفير المزيد من الخدمات لشعبنا، ولضمان معرفة أننا سنكون قادرين على القيام بذلك في السنوات المقبلة.
ولكن ستكون لدينا أيضا الأموال للاستثمار في المستقبل، لمساعدة اقتصادنا على أن يصبح أكثر إنتاجية وينمو بشكل أسرع ومنح المستثمرين ثقة في الآفاق طويلة الأجل لهذه المنطقة، لبناء البنية التحتية التي يمكن أن توفر فرصاً جديدة مثل الغاز الطبيعي، شيء يمكن أن يحول اقتصادنا ويجعل العراق مستقلاً في مجال الطاقة.
كما أوضحت في خطاب تنصيبي، فإن التشكيلة الحكومية التاسعة طموحة، ونحن ملتزمون بمهمتنا المتمثلة في بناء كوردستان قوية.
لكننا نعرف أنه لا يكفي مجرد الحديث عن الطموح. تحتاج إلى أن تكون لديك خطة واقعية حول كيفية تطبيقها. عليك أن تكون على استعداد للتفاوض من أجل تأمين اتفاق مع شركائك. وتحتاج إلى العمل كل يوم لتحقيق ذلك، لبنةً بعد لبنة، يوماً بعد يوم. وشعبنا يستحق أفضل من ذلك.
هذا هو السبب في أننا نريد ان نبني شراكة بناءة ومستقرة مع بغداد لتمكين هذه الجهود.
وإذا استطعنا أن نصلح هذه الأسس على نحو صحيح، فأعتقد أن المستقبل سيكون مذهلاً للغاية.
شكراً جزيلاً لكم..