Skip to the content

رئيس حكومة إقليم كوردستان: وجود نظام مصرفي قوي وفعّال يوفر بيئة مواتية للنمو الاقتصادي والتجاري

بحضور رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، عُقد اليوم السبت 21 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، المؤتمر المصرفي العراقي السنوي في إقليم كوردستان.
وانطلق المؤتمر بحضور محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق وعدد من مديري مصارف العراق وإقليم كوردستان والدول العربية ومسؤولين في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.
وألقى رئيس الحكومة كلمة خلال المؤتمر سلّط فيها الضوء على أهمية تعزيز النظام المصرفي، كما تحدث عن خطط التشكيلة الوزارية التاسعة لإرساء بنية مصرفية قوية، كذلك شدد على ضرورة تعزيز التنسيق والتعاون المصرفي بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، فضلاً عن موضوعات مهمة أخرى.
وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الحضور والضيوف
أرحب بكم أجمل ترحيب..

يسعدني أن أشارك معكم في هذا المؤتمر المهم المخصص للتحاور بشأن النظام المصرفي وتطوير الخدمات المصرفية، ولا سيّما المصارف الخاصة.
أرحبُ بالسادة الضيوف جميعاً، وأخصّ بالذكرِ معالي السيّد علي العلاق، محافظ البنك المركزي العراقي.
أشدّ على أيدي منظمي هذا المؤتمر لاختيارهم موضوعاً مهماً للغاية، لغرض المناقشة والتحاور، وخاصة فيما يتعلق بالوضع الحالي في العراق وإقليم كوردستان. فإصلاح وتنظيم وتفعيل القطاع المصرفي يعدّ ضرورة ملّحة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية.
منذ أن بدأت مهام هذه التشكيلة الوزارية في حكومة الإقليم، أدركنا أهمية وجود نظام مصرفي قوي وفاعل وفعّال، لذلك نعمل على إصلاح النظام المصرفي وإرساء بنية تحتية وأساس عصري ومتين لاقتصاد إقليمنا.
أودّ هنا أن أتحدث معكم عن بعض خططنا الموضوعة لإصلاح القطاع المصرفي في إقليم كوردستان.
اعتباراً من العام المقبل، لن يضطر متقاعدو إقليم كوردستان إلى الانتظار في طوابير لساعات طويلة تحت حرّ الصيف وبرد الشتاء. إنما ستودع أموالهم في حساباتهم المصرفية في يوم محدد.
كما لن يكون على التجّار حمل مبالغ كبيرة من الأموال معهم، بل سيكون بإمكانهم متابعة حساباتهم المصرفية وإتمام الخدمات المالية عبر (الأون لاين). كذلك، بالنسبة للباحثين عن قروض صغيرة لأغراض متنوعة سيجدون أيضاً العملية أكثر يُسراً. أما المواطنون الراغبون في إرسال حوالات إلى أقاربهم وذويهم وعائلاتهم داخل البلاد أو خارجها، سيتفادون تحويل الأموال عبر شركات التحويل المالي.
وبنهاية هذا العام، سيُسجل الآلاف من موظفي القطاع العام ضمن مشروع (حسابي)، وستُفتح حسابات مصرفية لهم في المصارف الخاصة لاستلام رواتبهم منها، وستتسارع هذه العملية في العام المقبل.
نحن مصممون، بأنه مع حلول نهاية العام المقبل، سيكون لمليون فرد من متقاضي الرواتب حسابات مصرفية خاصة بهم. ونعمل على تسريع وتيرة هذا البرنامج، وقد أعددنا كل ما يلزم بهذا الصدد.
خلال سنوات عديدة داخل الحكومة، دار نقاش بشأن من يجب أن يتولى زمام المبادرة، نحن أم المصارف؟، وفي هذه الحكومة، قررنا أن نأخذ على عاتقنا هذه المبادرة. ومن خلال هذا العمل، سنسهم في إرساء نظام مصرفي راسخ.
لقد قررنا دعم خطة التوسع للمصارف، وذلك من خلال البرنامج الآتي:
بعد أن يكون لدى موظفي القطاع العام حسابات مصرفية، يجب أن يسير موظفو القطاع الخاص على خطاهم... هذا سيجعل الخدمات المصرفية متاحة لآلاف الأفراد في كوردستان.
كذلك نشجع المصارف على توسيع نطاق وجود مكاتبها في جميع أنحاء كوردستان، وفي غضون عامين ستتوسع رقعة شبكات أجهزة الصراف الآلي (ATM) عشرة أضعاف. ونعمل أيضاً على توفير أجهزة الدفع الإلكتروني في معظم أسواق ومتاجر كوردستان.

ينبغي أن نقرّ بأنه إلى اليوم، لم تتمكن مصارف القطاع العام من تلبية احتياجات مواطنينا. ومن دون شك، فالاعتماد على الأوراق النقدية (الكاش) قد حدّ من نمونا الاقتصادي، وفتحَ الباب أمام التزوير وغسيل الأموال. هذا لا بدّ أن يتغير. وأيضاً، سنقدم أي مساعدة ممكنة للمصارف الخاصة، ليتسنى لها تحسين وتسريع خدماتها.
هدفنا يتمثل بإيجاد منافسة سليمة بين المصارف في إقليم كوردستان، وللمواطنين حرية اختيار مصرفهم بناءً على جودة وتطوّر وسرعة الخدمات المصرفية المقدمة. اخترنا الآن خمسة مصارف خاصة في مشروع (حسابي). وآمل أن تنضم مصارف أخرى ضمن هذا المشروع مستقبلاً.
إن اختيار هذه المصارف يشتمل على معايير واضحة جرى التنسيق بشأنها مع البنك المركزي العراقي. على سبيل المثال: تمتلك هذه المصارف فروعاً في مناطق متعددة، وتقدم خدماتها رقمياً من خلال الهواتف المحمولة والتكنولوجيا المتقدمة، وتمتلك شبكة من أجهزة الصراف الآلي (ATM)، وتقدم خدمات مالية رقمية.
أودّ أن أشكر المصارف على دعمها المتواصل لمشاريعنا وبرامجنا، وأدعوها إلى الاستمرار في استثمار منتجاتها وخدماتها المصرفية.
سوف يلمس مواطنونا تغييرات سريعة في حياتهم مستقبلاً؛ مثلاً في طريقة الدفع، وشراء الأغذية والوقود، بحيث يمكنهم وبسهولة استخدام البطاقات المصرفية وخدماتها عند السفر إلى الخارج بطمأنينة. كذلك يمكن لأصحاب الأعمال الاستفادة من فرص التجارة الإلكترونية وتحويل الأموال لأغراض التجارة. كذلك ستشهد الحكومة تغييرات في عمليات الدفع وجمع الإيرادات. ببساطة، نعمل ليتمكّن مواطنونا وأصحاب الأعمال، في أي مكان وزمان، من الوصول إلى الخدمات المالية.
يجب علينا أن نجعل أموال فلاحينا ومزارعينا تودع مباشرة في حساباتهم المصرفية عندما يبيعون قمحهم وحبوبهم إلى الحكومة الاتحادية، عوضاً عن الاضطرار للوقوف في طوابير أمام الدوائر الحكومية للحصول على مستحقاتهم، كما هو قائم الآن. آمل أن نلمس هذه التغييرات في أقرب وقت.
وأنا على ثقة من أن شركاءنا المصرفيين اليوم، سوف يصبحون أكبر المصارف الأهلية في البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة.
وهنا، أودّ أن أعرب عن شكري وتقديري لجميع الأطراف والسادة، على ما قدموه لنا من مساعدة ومساندة في هذه المهمة الحيوية. وبشكل خاص، أتوجّهُ بالشكر إلى السيّد علي العلاق محافظ البنك المركزي وفريقه على مساعدتهم ومساندتهم، فهم وبتوجيهٍ ودعمٍ من رئيس الوزراء الاتحادي السيّد محمد شياع السوداني، يواصلون التنسيق معنا ومساعدتنا في مجالات تنفيذ الإصلاحات المصرفية، وإدارة الخزينة.. فشكراً على مساندتكم ودعمكم.
سنواصل التنسيق والتعاون مع الحكومة الاتحادية في مكافحة غسيل الأموال والعمل على استقرار الدينار العراقي. وفيما يتعلق بهذه المسألة، يسعدني ما أحرزناه من تقدم هذا العام في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ثمة المزيد من العمل الذي يتعين علينا إنجازه، وسنفعل ما يقع على عاتقنا بهذا الشأن.
أيها السادة:
في المجتمعات والدول المتقدمة، يعدّ وجود نظام مصرفي متطور وفّعال أحد المتطلبات الأساسية لحياة الناس اليومية. وفي الوقت ذاته، يعتبر النظام المصرفي العصري القوي داعماً ومساعداً فاعلاً للازدهار الاقتصادي، حيث يوفر خدمات مالية وتسهيلات كثيرة لأصحاب الأعمال والمستثمرين.
حتى يمكننا القول إن قوة النظام المصرفي في أي دولة أو مجتمع، تشكّل مبدأً وشرطاً أساسياً للقوة الاقتصادية، لأن وجود نظام مصرفي قوي وفعّال، يوفر بيئة مواتية للنمو الاقتصادي والتجاري.
يمكن للمصارف أن تؤدي دوراً رئيسياً في الانتعاش الاقتصادي لأي دولة، لأن المصارف تنظم اقتصاد أي دولة، وهي الركيزة الأساسية للحركة الاقتصادية في البلاد.
ومما لا شك فيه فإن إحدى المشاكل والعقبات الرئيسية التي تحول دون وجود نظام مصرفي قوي ومتقدم في العراق وإقليم كوردستان، تتمثل في انعدام ثقة الناس بالمصارف، وهذا يعود لأسباب جمّة، وفي مقدمتها عدم استقرار الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، وتفشي الفساد على نطاق واسع، مما جعل المواطنين يفقدون الثقة بالمصارف والمؤسسات المالية.
لكننا في حكومة إقليم كوردستان سنقدم للمصارف كل ما يلزم من تعاون ومساعدة، حتى نتمكن من بناء الثقة بين المصارف والمواطنين، وذلك من خلال ضمان حماية رؤوس أموال الناس وثرواتهم لدى المصارف. كما يتعين على المصارف توسيع خدماتها. وهذا يعني أنه بالتعاون والتنسيق بين الحكومة والمصارف والمواطنين، يمكننا إعادة بناء الثقة المطلوبة بالمصارف.
نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والحروب وغياب الأمن في السنوات الماضية، يحتاج العراق وإقليم كوردستان إلى عملية واسعة لإعادة الإعمار وبناء البنية التحتية الاقتصادية في جميع القطاعات. وبناءً على ذلك، فإن وجود نظام نشط ومتطور، يمثل عاملاً رئيسياً ومساعداً يمكننا من خلاله مواصلة مسيرة الإصلاح والبناء والإعمار.
إن الخطوات التي اتخذها السيد محمد شياع السوداني والحكومة الاتحادية ونحن في إقليم كوردستان، واعدة للغاية ويمكننا أن نلمس تقدماً اقتصادياً كبيراً في المستقبل القريب بالتعاون والدعم المتبادل.
مرة أخرى، أحييكم على عقد هذا المؤتمر، وأتمنى أن يخرج بنتائج وتوصيات بنّاءة تسهم في النهوض بالقطاع المصرفي والوضع الاقتصادي عموماً.

دمتم بسعادة ونجاح